مرحبا وأهلا وسهلا بكم في مدونتنا التاريخية

نتمى أن تستفيدوا من المدونة ونتمى أن ترسلوا آرائكم الرائعة عن تاريخ دولة الامارات العربية المتحدة ،اتمنى لكم قضاء وقت ممتع في مدونتنا ...:):)

الثلاثاء، 10 مايو 2011

اكتشاف النفط في الامارات العربية المتحدة..

من الاكتشاف إلى بزوغ أبوظبي الحديثة : 1957 إلى 1966


في أواخر عام 1957، أصبحت نتائج عمليات المسح الزلزالي لمربان ومناطق غرب مربان متوفرة. وشجع تزامن تلك النتائج، مع وجود مؤشرات هيدروكربونية واعدة في بئر (مربان-1) على تزايد الثقة بجدوى تنفيذ أعمال أخرى، فقررت الشركة حفر بئر جديدة، أطلق عليها اسم (مربان (باب)-2).
وفي السنوات التي تلت عملية سد بئر مربان الاولى والتخلي عنها، توقفت الشركة عن استعمال معسكرها الرئيسي المؤقت في طريف، وأقامت معسكرات جديدة لها في اتجاه الغرب، كانت أنسب للوصول إلى آبار الجزيرة والشويهات. لذا تم عام 1958، تجديد معسكر طريف بالكامل، وتجهيزه بمعدات كافية لتنفيذ برامج الحفر المقررة وجرى بناء وحدات سكنية لمهندسي الشركة. وتم أيضاً بناء مهبط بدائي للطائرات الصغيرة والعمودية، وقد أثبتت الطائرات العمودية فائدتها الكبيرة في استمرار التوصل مع فرق الجيولوجيا والمسح العاملة في عمق الصحراء.
وبما أن مياه ساحل طريف كان ضحلة، تم بناء مرسى خاص في الضبيعية، إلى جهة الشرق، حيث كانت المياه أكثر عمقا، وكان يجري إحضار معدات الحقل ومجمل المؤن والتوريدات اللازمة لمعسكر طريف قرب الشاطئ، ومن ثم يتم نقلها بالصنادل لتنزيلها على الشاطئ. وكانت الشاحنات الثقيلة تحمل المؤن عبر السبخة إلى طريف، ومن ثم تنقلها جنبوبا إلى الصحراء.
وكان من المقرر أن تظل طريف القاعدة الرئيسية لعمليات الشركة الميدانية لغاية عام 1972 (هيرد-بيي1982). على الرغم من بناء مكتب رئيسي ووحدات سكنية في ابوظبي عام 1966، ونقل كافة الموظفين الإداريين من المكتب الرئيسي السابق في البحرين. وفي تلك الفترة، كان التخطيط جاريا لبئر (مربان 3) بينما تم حفر أربع آبار في منطقة ابوظبي، وباتت شركة تطوير النفط (الساحل المتصالح) تستطيع الاعتماد على العمالة المؤلفة من أهالي ابوظبي والذين اكتسبوا خبرات كبيرة في أساليب الحفرة إضافة إلى إرشاد مهندسي الشركة وخبراء الجيولوجيا فيها لدى تنقلهم في الصحراء.
وبعد بضع سنوات، وتحديداً في عام 1960، أطلقت الشركة أول برنامج تدريبي مخصص لأهالي ابوظبي في طريف، ووفرت بذلك للجيل الشاب، المعلومات الفنية الأساسية إضافة إلى تعلم القراءة والكتابة والحساب. واستحوذت هذه الخطة على إعجاب الناس تدريجياً، ومن ثم وفرت للشركة عمالة محلية ذات تأهيل أفضل، بينما تولى عدد من الذين أتموا البرنامج التدريبي سابقاً، وظائف مرموقة أو عملوا في الدوائر الحكومية في مناصب مسؤولة أو في الأعمال التجارية الحرة.
ولقد تم انتداب ثاني بن مرشد، رئيس وحدة الحرس الخاصة التي زود الحاكم الشركة بها، لمعالجة شؤون العمالة المحلية. وكان ثاني يقضي أكثر أوقاته في طريف، على الرغم من افتتاحه متجراً صغيراً في سوق ابوظبي في ذلك الوقت، والذي شكل قاعدة انطلاق إحدى أبرز المؤسسات التجارية الحديثة في ابوظبي (هيرد –بيي، 1982).
وتأسست في العام 1957، شرطة أبوظبي، وأخذت تضطلع بجانب كبير من مهام ومسؤوليات الحفاظ على امن عمليات الشركة، سواء في طريف أو في عمق الصحراء (مورسي، 1978).
وعندما وصلت أنشطة الشركة إلى ذروتها وتنامي تعامل الاقتصاد المحلي مع العالم الخارجي، قررت الحكومة البريطانية عام 1957 تعيين مسؤول سياسي مقيم في أبوظبي. وكان أول من تقلد هذا المنصب هو مارتن بوكماستر، الذي تجول بمساعدة الشركة، في المناطق الصحراوية لإقامة علاقات طبية مع المواطنين المقيمين فيها. وفي عام 1959 تقلد هذا المنصب ادوارد هندرسون، وكان معاراً من الشركة، وظل في ابوظبي حتى عام 1961 (هيرد – بيي 1982).
وأبدى كبار أعضاء الأسرة الحاكمة في ابوظبي اهتماما وثيقا بالأنشطة الجارية في طريف، حيث زارها الشيخ شخبوط وأشقاؤه، بمن فيهم صاحب السمو الشيخ زايد، مرات عدة، بينما قام مدير الشركة المقيم بزيارات منتظمة إلى الحاكم لإبلاغه دوماً بما يستجد من أمور وأيضاً لتسليمه الدفعات السنوية التي كانت مستحقة لدفع بموجب أحكام اتفاقية الامتياز.
ومنحت أولى عمليات الحفر في رأس صدر، التي بدأت قبل سنوات عدة، الأمل لأهالي ابوظبي بأنهم قد ينعمون أيضاً، وفي وقت قريب، بالخيرات التي سوف تتدفق عليهم من جراء اكتشاف النفط. ومن أبرز مزايا أهالي ابوظبي الإيمان بقضاء الله عز وجل وقدره والصبر في مواجهة الصعاب، ولكن خيبة الأمل التي منوا بها بعد حفر أولى الآبار الاستكشافية الجافة كانت امتحاناً قاسياً لصبرهم، خاصة ان جارتهم القريبة قطر، كانت تنعم بإنتاج النفط، وتتمتع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي أمكن تحقيقها من الإيرادات الجديدة، مثل المدارس والمرافق الطبية والسكن الأفضل والمواصلات.
إلا ان الصبر أعطى أكله في النهاية. وتم في أكتوبر (تشرين الأول) 1958 حفر بئر (مربان -2)، بهدف تقييم الدلالات على وجود المواد الهيدروكربونية التي عثر عليها في تكوين ثمامة في بئر (مربان -1)، واستغرقت عمليات الحفر ثلاثة عشر شهراً حيث تم إنجازها في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 1959، بعد بلوغ عمق 10585 قدماً في تكوين (حث)، وأظهرت الاختبارات ان طبقة (ثمامة) حاملة للنفط والغاز.
وبعد إجراء مسوحات زلزالية أخرى في المنطقة، أدت إلى إعادة النظر في تفسير نتائج مسوحات مكمن مرمان، تم حفر بئر مربان -3 في 8 ديسمبر 1959، وتم انجازه في 28 مايو (أيار) 1960، بعد ان وصل إلى عمق 10266 قدما في تكوين حبشان. وقد برهنت الاختبارات على وجود مواد هيدروكربونية في مناطق ثمامة، وبعد إجراء اختبارات مشتركة على مناطق (أ) و(ب)، أنتجت البئر النفط الخام بمعدل 3764 برميلاً في اليوم، وبشكل رئيسي من منطقة ثمامة (ب).
وكان النفط المنتج عالي الجودة بنسبة 39-40 درجة حسب مقاييس معهد البترول الامريكي، وكان يحتوي على نسبة كبريت ضئيلة نسبياً بلغت 0.75 في المائة من الوزن (العتيبة ،1957). ثم قام مسؤولو الشركة في ابوظبي ولندن بتحليل النتائج، مع استخدام بيانات المسح الزلزالي المتوفرة لديهم، فقرروا ان الإنتاج التجاري للنفط من ذلك الحقل أمر ممكن.
وبعد إبلاغ الحاكم بنبأ الاكتشاف، وفقاً لمقتضيات اتفاقية الامتياز لعام 1939 المبرمة ما بين حكومة ابوظبي وشركة تطوير النفط (الساحل المتصالح)، قام مدير عام الشركة ريتشارد بيرد بإبلاغ الشيخ شخبوط رسمياً بالاكتشاف بتاريخ 27 أكتوبر (تشرين الأول) 1960، وأتبع ذلك البلاغ بثلاث رسائل ثبوتية في اليوم التالي. وأكدت إحدى تلك الرسائل انه سيتم على الفور دفع الـ 200.000 روبية هندية التي تنص الاتفاقية على تقديمها للحاكم فور اكتشاف النفط بكميات تجارية، كما أكدت على أن الشركة سوف تزود الحاكم بـ 20.000 جالون من البترول في السنة لاستخدامها كوقود للسيارات الرسمية.
ونصت الرسالة الثانية على أنه سيتم دفع 125.000 جنيه استرليني فوراً، ودفعة أخرى بالمبلغ نفسه في 27 أكتوبر (تشرين الثاني) 1961، كمبالغ مدفوعة سلفا من الجعالات المستحقة الأداء بعد بداية تصدير النفط. أما الرسالة الثالثة فقد نصت على أنه بموجب الاتفاقية، سوف تبدأ الشركة ومقاولوها بدفع الرسوم الجمركية، كما أحاطت الحاكم علماً بأنه سيتم تسديد مبلغ 23.650 جنيهاً استرلينياً فوراً لتغطية الرسوم الجمركية المستحقة حتى نهاية عام 1960.
وعلى الرغم من أن الأمر احتاج إلى ثلاث سنوات قبل التمكن فعلياً من تصدير أول برميل نفط من حقل باب، فقد شكلت تلك المبالغ مساهمة حيوية في تمويل خزينة حكومة أبوظبي. كما مثل الاكتشاف نفسه مكافأة طال انتظارها لشركة تطوير النفط (الساحل المتصالح) ولمجموعة الشركات المالكة لها. فقد جاء الاكتشاف بعد مضي أكثر من عشرين عاماً على توقيع اتفاقية الامتياز. وأكثر من عشرة أعوام على حفر أول بئر في رأس صدر. وتم خلال تلك الفترة، استثمار مبالغ طائلة في عمليات السمح الجيولوجي والزلزالي والحفر الاستكشافي.
علاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن شركة تطوير النفط (الساحل المتصالح) كانت أول من بدأ التنقيب عن النفط في ابوظبي، إلا انها لم تكن الأولى في تحقيق نتائج ايجابية. ففي أوائل الخمسينات، منح الحاكم امتيازاً للتنقيب في المناطق البحرية إلى شركة منفصلة، هي شركة مناطق ابوظبي البحرية المحدودة (أدما)، والتي يمتلكها بالتضامن اثنان من المساهمين في شركة تطوير النفط (الساحل المتصالح)،شركة البترول البريطانية (وهو الاسم الجديد لما كان يعرف باسم شركة النفط الإنجليزية الإيرانية)، والشركة الفرنسية للبترول، وقد حفرت شركة (أدما) أول بئر لها في حقل (أم الشيف) البحري في عام 1958، وأعلنت اكتشاف النفط فيها بكميات تجارية، في أواخر عام 1960.
ورغم النجاح المنشود الذي حققته شركة تطوير النفط (الساحل المتصالح)، وبلوغها المرحلة التي تسمح لها بتحقيق عائد على استثماراتها الضخمة، كان لا يزال يتوجب عليها إنفاق المزيد من الاستثمارات، حيث أنفقت بالفعل 42 مليون دولار أمريكي لإيصال الحقل إلى مرحلة الإنتاج، وهو مبلغ ضخم بمقاييس تلك الأيام، رغم أنه صغير نسبيا بالمقارنة مع تكاليف تطوير حقول النفط في زمننا الحالي.
وحتى تلك اللحظة، ومع أن عائدات إنتاج النفط لم تكن قد بدأت في التدفق بعد، ساعد النشاط المتزايد لشركة تطوير النفط (الساحل المتصالح)، في المناطق البرية، وأيضاً لشركة أدما في المناطق البحرية، على تنشيط بدايات النمو التجاري لأبوظبي، ولم تقتصر الثمار الأولى على تمكن العديد من مواطني ابوظبي من الحصول على فرص عمل مجزية فحسب، لكن السوق المحلية استفادت أيضاً، من خلال تزويد الشركات الأجنبية وموظفيها وعمالها بالمؤن، على الرغم من أن معظمها كان يستورد احتياجاته من الخارج. وفي عام 1958 ، قام البنك البريطاني للشرق الأوسط، وهو الآن جزء من مجموعة (إتش اس بي سي)، بافتتاح أول فرع له في جزيرة ابوظبي، وكان يقدم الخدمات المصرفية للشركة وللعدد المتزايد من صغار التجار المحليين (العتيبة، 1977).
وخلال السنوات الأولى من الخمسينات، لم يكن في ابوظبي أي مرفق تعليمي، وكانت العائلات التي ترغب في تعليم أبنائها تضطر لإرسالهم إلى قطر. وفي عام 1958، تم تأسيس أول مدرسة حديثة في جزيرة ابوظبي تحت اسم الفلاحية. ورغم ان تلك المدرسة أغلقت أبوابها بصفة مؤقتة للعام الدراسي 1959-1960 نظرا لعدم وجود مدرسين مناسبين، أعادت فتح أبوابها للعام الدراسي 1960-1961، جنباً إلى جنب مع مدرسة ثانية في منطقة البطين في الجزيرة ومدرسة ثالثة، وهي النهيانية، في العين (مروسي،1978). كما تم الشروع في اتخاذ الخطوات الأولى نحو إنشاء هيكل إداري حكومي رسمي.
ومع استمرار نمو صناعة النفط، تنامت علاقات بريطانيا التجارية البريطانية مع ابوظبي، وبدأت عجلة تنمية الاقتصاد المحلي تدور بخطى متسارعة، وفي عام 1961، قررت الحكومة البريطانية رفع مستوى تمثيلها في ابوظبي إلى مستوى معتمدية سياسية كاملة. وكان أول من تقلد هذا المنصب هو العقيد السير هيو باوستيد، والذي ظل في هذا المنصب حتى عام 14965، ومن ثم تقاعد في منزل وهبه إياه صاحب السمو الشيخ زايد، ويقع في مزيد قرب العين.
ومع تأكيد الجدوى الاقتصادية للحقل، الذي بات أسمه الآن حقل باب، عام 1960، كان على الشركة الآن الانخراط في عملية طويلة وصعبة لاعداد الحقل للانتاج، وكان قد سبق لها حفر بئر رابعة، هي مربان (باب)-4، بتاريخ 4 أغسطس 1960. ووصل الحفر فيها إلى العمق المنشود وهو 8620 قدماً، بتاريخ 9 توفمبر، وتم أكتشاف النفط فهيا في طبقة ثمامة، مما شجع الشركة على المضي قدماً في تطوير الحقل. وتم توريد انتاج هذه البئر لفترة من الوقت إلى الحكومة.
وكانت الشركة تصنع وتشغل حفاراتها الخاصة بها بنفسها حتى عام 1962. وأصبحت الشاحنات من طراز (سكاميل) و(كينوورث) التي تنقل الحفارات والأنابيب عبر الصحراء، بالإضافة إلى البلدوزرات التي كانت ضرورية لتمهيد الطرق الوعرة في الصحراء، مشهداً مألوفاً لدى المواطنين. ومع تزايد النشاط، تم استقدام شركة (سانتافيه) المتخصصة، لكي تتولى حفر الآبار، حيث باشرت عملها بحفر بئر مربان (باب) -11 عام 1962. ومع تطوير تكنولوجيا الحفر العالمية، تم استقدام نوع جديد من الحفرات أمكنها تنفيذ عمليات حفر الآبار بأسلوب أسرع وبتكلفة أقل.
وتضاهي الظروف المعيشية لموظفي الشركة العاملين في حقول النفط اليوم. أفضل ما توفره مدينة ابوظبي الحديثة. ولكن في السنين الأولى لعمليات الاستكشاف والتطوير كانت تلك الظروف مختلفة بالكامل، فلم تكن هناك مرافق سكنية دائمة، إلا في طريف، وكان يعيش موظفو الشركة ومقاولوها في معسكرات من الخيم وسط الكثبان الرملية، من دون تكييف هواء، وكانوا مضطرين لاحضار كل مؤنهم واحتياجاتهم بالشاحنات من طريف أو بالمروحيات. ويستعيد أحد الرواد الأوائل ذكرياته قائلاً إنه كان مع زملائه يعيشون على نظام غذائي يتألف من الأرز واللحم المعلب والبسكويت المالح، وهو نقيض تام للأطعمة المتنوعة الشهية التي نجدها اليوم في المجمعات السكنية.
وكانت وعورة الأرض في السابق تعني أن تحريك الحفارات من موقع إلى آخر قد يستغرق أياماً لا بل حتى أسابيع عدة. فمثلاً، في منتصف الستينات، قطعت الشاحنات التي كانت تحمل الحفارات مسافة 228 كليومتراً من أجل اجتياز مسافة لا تتجاوز 90 كليومتراً بين مواقع الحفر، واستغرقت رحلتها 36 يوماً لانجاز عملية النقل المذكورة.
وعلى الرغم من أن جميع العمليات كانت تتم تحت إشراف الشركة، فتح التوسع في النشاط، الطرق أمام بروز فرص جديدة لأهالي ابوظبي لتأسيس شركات مقاولات ونقليات، وهكذا قدم عدد من الأشخاص الذين كانوا يعملون في الشركة استقالاتهم منها لتأسيس شركات خاصة بهم أو لتوريد الخدمات.
ونجد اليوم، وبعد أربعين عاماً، أن شركة أدكو ليست واحدة من أكبر أصحاب العمل المباشرين في ابوظبي فحسب، بل إنها أيضا واحدة من اكبر المشترين للخدمات من السوق المحلية. فكثيراً من أولئك الذين أسسوا وما زالوا يديرون شركات الخدمات والتوريدات، كانوا في الأصل من موظفي الشركة التي بدأوا فيها حياتهم العملية.
وكشفت الآبار التي تم حفرها بهدف رسم حدود الحقل، أنه يمتد على مساحة كبيرة، فتقرر قبل إيصال الحقل إلى مرحلة الإنتاج، بناء جهاز لفصل الغاز عن النفط للمرحلة الأولى في موقع شامس النائي، في الجزء الشمالي من الحقل. وتم تمديد الأنابيب من هذا الموقع ومن كل بئر منجزة إلى محطة تجميع وفصل للغاز في النقطة المركزية للحقل، إلى منطقة حبشان، التي أصبحت الآن أحد المراكز الرئيسية في صناعة النفط والغاز في ابوظبي، وتوفرت في هذه المرحلة فرص عمل جديدة لأهالي ابوظبي، وفرص الوصول إلى المرافق الطبية. وكانت تلك باكورة الخطة الطبية للمناطق النائية، والتي تشمل الآن جميع موظفي الشركات العاملة في المناطق البرية ضمن مجموعة شركات أدنوك، اذ تم تصميمها لتوفير الخدمات الطبية لجميع سكان المنطقة.
كما كان من الضروري تحديد النقطة المناسبة على الخط الساحلي لإنشاء ساحة لصهاريج تخزين النفط، وميناء يتم تحميل النفط منه على متن الناقلات *******ة وتصديره.
وتعتبر حبشان قريبة نسبياً من الساحل المتاخم لطريف، وخور البزم على الشاطئ. وكانت المياه فيها وفي رصيف الضبعية ضحلة للغاية بالنسبة لناقلات النفط. وبعد دراسة أعماق المياه، تقرر في النهاية اختيار موقع يبعد أكثر من 100 كليومتر إلى الغرب، عند جبل الظنة، وهو جبل صخري يرتفع بحوالي70 متراً فوق السبخات الملحية عن مستوى سطح البحر. أما في المناطق البحرية فكانت البحر عميقاً بقدر كافي سمح للناقلات بالرسو قريباً من الشاطئ، بينما كانت قناعة مهندسي الشركة بأنه في حالة إنشاء مجمع صهاريج تخزين النفط على قمة الجبل، فسيكون من السهل تحميل الناقلات بأسلوب الجاذبية الأرضية الطبيعية، مما يغنيهم عن ضرورة تركيب المضخات المكلفة.
ولحسن الحظ، قام جبل الظنة مرة أخرى بلعب دور مهم في تاريخ ابوظبي، فكان الجبل، الذي يتألف من قبة ملحية من الصخور القديمة المدفوعة إلى السطح، يحتوي على مخزون هائل من الكبريت الطبيعي، وقد أظهرت الفحوصات التي أجرتها هيئة عمليات المسح الأثري لجزر ابوظبي لحساب شركة أدكو بأنه في القرنين السابع عشر والثامن عشر، تم حفر ما يزيد على مائة وخمسين حفرة تعدين لاستخراج الكبريت، والذي كان يصدر آنذاك، ربما لصناعة البارود من قبل الأساطيل البحرية الأوروبية التي كانت تبحر في مياه الخليج.
ونجد اليوم تلك المناجم مهجورة منذ زمن طويل، على الرغم من أن الكبريت لا يزال ينتج للتصدير في موقع قريب، بصفة منتج ثانوي من صناعة النفط والغاز، وذلك في المجمع الصناعي لشركة بترول ابوظبي الوطنية، أدنوك، في الرويس.
وبالتزامن مع حفر آبار جديدة في حقل باب وإنشاء مصنع تجميع وفصل غاز مركزي في حبشان، بدأت الشركة تمديد خط أنابيب بقطر 24 بوصة إلى جبل الظنة، على امتداد 112 كليومتراً، يمر عبر منطقة تشتمل على سبخات ملحية وتلال منخفضة وكثبات رملية، كانت تشكل تحدياً رئيسياً لمهندسي الشركة، على الرغم من ان عبورها لم يكن بصعوبة عبور الكثبان الرملية العالية الممتدة إلى الجنوب.
وفي جبل الظنة نفسه، بدأ تنفيذ مشروع هندسي مدني رئيسي عام 1962، يستهدف تسوية سطح جزء من قمة الجبل، للسماح ببناء صهاريج تخزين النفط فوقه. وتم في ذلك المرحلة، بناء ستة صهاريج فقط بطاقة تخزين أجمالية بلغت 1.37 مليون برميل، إلا انه تم بناء صهاريج أخرى في السنوات التالية.
وتم تمديد خطين للأنابيب بقطر 49 بوصة ينطلقان من الصهاريج إلى محطتين لحساب كميات النفط المتفق عليها. كما تم تمديد خطين للأنابيب بقطر 36 بوصة من هاتين المحطتين إلى عوامات الإرساء بنقطة مفردة في البحر، لتحميل ناقلات النفط منها. وبمحاذاة الشاطئ، تم بناء رصيف بطول كليومتر واحد تقريباً، يزيد عمق مياهه في المد المنخفض قليلا على المترين. وقد قام المساحون في المناطق البحرية بالبحث عن أفضل ممر ملاحي. يسمح للناقلات التي يبلغ غاطسها الأقصى 46 قدماً بالإبحار فيه (العتيبة، 1971).
وأثناء ذروة أعمال الإنشاءات في ميناء تصدير النفط، كان يعمل في جبل الظنة حوالي 4000 شخص من جنسيات مختلفة، وكان كثير منهم من أهالي ابوظبي. وفي عام 1963، تم تعيين الشيخ سلطان بن سرور الظاهري ممثلاً للحاكم في جبل الظنة، وهو منصب استمر في تقلده إلى حين وفاته بعد حوالي ثلاثين عاماً (هيرد – بيي، 1982).
ومع انطلاق كل هذه الأعمال على قدم وساق، ومع الزيادة الملحوظة في عدد المواطنين العاملين في أنشطة تطوير الحقل، قررت حكومة ابوظبي عام 1961 تعيين ممثل مقيم لها في طريف يكون مسؤولاً عن شؤون العمالة، بينما تم أيضاً وضع فصيلة من رجال الشرطة في المنطقة، وكانت تلك الفصيلة في بعض الأحيان بقيادة الشيخ سلطان بن شخبوط، أحد أبناء الحاكم، للمساعدة في الحفاظ على الأمن وعلى سير عمليات الشركة بأسلوب حسن.
وكان قد أتضح لمجموعة الشركات الأجنبية التي تملك شركة تطوير النفط (الساحل المتصالح)، أن عملياتها في المنطقة يجب ان تتركز الآن وبشكل كامل تقريباً على ابوظبي، وتم التخلي عن امتيازات التنقيب التي كانت بحوزة شركة تطوير النفط (الساحل المتصالح) والخاصة بالإمارات الأخرى، وانسحبت بعض الشركات من المجموعة في سلطنة عمان المجاورة.
ولمواكبة هذه التطورات، تم تغيير اسم شركة تطوير النفط (الساحل المتصالح) إلى شركة نفط ابوظبي المحدودة في 24 يوليو 1962 وظلت تمارس عملياتها على امتياز المناطق البرية حتى بداية سريان مفعول الاتفاقية التنفيذية عام 1979 بين مساهمي شركة نفط ابوظبي المحدودة وشركة بترول ابوظبي الوطنية (أدنوك)، المؤسسة عام 1971، والتي تم بموجبها تأسيس شركة ابوظبي للعمليات البترولية البرية كشركة عاملة.
ومع تسارع نمو مدينة ابوظبي، افتتح مصرفان جديدان فرعين لهما، حيث افتتح البنك الشرقي فرعه عام 1961، وافتتح بنك جريندليز فرعه عام 1962. وهما يشكلان حالياً جزءاً من مجموعة (ستاندرد تشارترد) المصرفية. وتم عام 1963 تأسيس بلدية ابوظبي للاضطلاع بمسؤولية الاشراف على تطوير المدينة، وبدأت العمل بطاقم يتألف من ستة موظفين فقط (العتيبة، 1977).
وفي مارس من عام 1963، وتجاوباً مع الطلب المتزايد من الشركات التجارية المحلية والأجنبية، بما فيها شركة بترول ابوظبي، ومن واقع العدد المتزايد للأجانب المقيمين في المدينة، تم تأسيس أول مكتب بريد في ابوظبي، وكان هذا المكتب يمارس أعماله من المبنى الذي كان فرع البنك البريطاني للشرق الأوسط يتخذه مقراً له في السابق، وكان يستعمل الطوابع البريدية الخاصة بالوكالات البريدية البريطانية في شرق الجزيرة العربية. وقد صدر أول طابع بريد يحمل اسم ابوظبي في 20 مارس عام 1964. وفي الأول من يناير من عام 1967، تسلمت الحكومة زمام الخدمات البريدية (دونالدسون،1975).
وسمح ارتفاع العائدات الحكومية من ضرائب وجعالات النفط بتطوير نظام التعليم. فتم عام 1963، افتتاح أول مدرسة للنبات في ابوظبي، تلتها مدرسة ثانية للبنين في العين في السنة التالية. وبحلول عام 1965. أصبح في الإمارة ما مجموعه ست مدارس تضم 390 طالباً و136 طالبة (مورسي،1978).
وقد خطا برنامج تطوير البنية التحتية للإمارة في عام 1964 خطوة أخرى للأمام بتأسيس قوة دفاع ابوظبي (مورسي،1978).
وقد سمح التطور الذي شهدته ابوظبي وتوسعة شركة نفط ابوظبي المحدودة لبنيتها التحتية بإرساء أسس البحث العلمي في الإمارة. وفي عام 1959، قامت الشركة بدعم أول عمليات من نوعها للتنقيب عن الآثار في دولة الإمارات، وذلك في جزيرة ام النار، المتاخمة لجزيرة ابوظبي، حيث تم اكتشاف مجموعة كبيرة من المدافن فيها، يعود عهدها إلى العصر البرونزي، على يد فريق دانمركي كان يرأسه جيوفري بيبي، أحد الموظفين السابقين في شركة نفط العراق ممن عملوا في البحرين في أوائل الخمسينات.
وابتداء من أوائل الستينات، قام فريق تابع للكلية الإمبراطورية في لندن وعلى مدى سنوات عدة، بإجراء أبحاث جيولوجية في السبخات القريبة من الشاطئ والمياه الساحلية الضحلة. ولم تظهر الدراسات التي أجريت على السبخات أنها ذات أهمية عالمية فحسب، بل أظهرت أيضاً أنها تتكون بفعل عملية مماثلة جداً لتلك العمليات التي أنشأت بعض الطبقات الأرضية الحاملة للنفط والتي كانت الشركة تنجز أعمال حفر فيها (إيفانز، 2001)، ولا تزال شركة أدكو حتى اليوم تتبنى سياسة دعم عمليات الأبحاث في مجال الجيولوجيا والتاريخ الطبيعي وتراث الدولة، كجزء من سياستها لحماية البيئة.
وبحلول شهر نوفمبر من عام 1963، تم انجاز جميع الأعمال المتعلقة بتطوير الآبار الأولى في حقل باب، وإنشاء محطة فصل الغاز في حبشان، وتمديد الأنابيب وإنشاء مجمع صهاريج التخزين وميناء تصدير النفط في جبل الظنة، وبات الحقل قادراً على الانتاج بمعدل 120.000 برميل يومياً. وفي 14 ديسمبر 1963، تم فتح الصمامات في مجمع الصهاريج وتم تشغيل عدادات القياس لكي يتم ضخ أول شحنة من براميل النفط الخام من حقل باب إلى ناقلة النفط المسماة (إيسودبلن) التي كانت أول ناقلة ترسو في الميناء الجديد، والتي شحنت الحمولة البالغ وزنها 33.818 طناً من النفط إلى مصفاة في (ميلفورد هيفين) في جنوبي مقاطعة ويلز البريطانية.
وتم في 21 مارس (آذار) 1964، افتتاح حقل مربان (باب)، حين قام الحاكم بفتح صمام التدفق في جبل الظنة، في حضور عدد من المسؤولين الحكوميين المحليين والأجانب ومسؤولي النفط وموظفي الشركة وعدد من سكان ابوظبي.
وقد تم تحميل ناقلتين بالنفط في جبل الظنة خلال شهر ديسمبر (كانول أول) 1963، بحمولة إجمالية بلغت 543.510 براميل للتصدير. وخلال عام 1964. وفي ختام أول عام تشغيلي كامل، كان الميناء قد استقبل 168 ناقلة نفط، حملت ما مجموعه 54.494.400 برميل من الخام، مما وفر إيرادات مهمة لمساهمي شركة بترول ابوظبي، بينما حصلت الحكومة على 1.445.000 جنيه استرليني، وقد ارتفع هذا المبلغ عام 1965 إلى 7.483.000 جنيه استرليني، وعلى الرغم من ان تلك المبالغ قد تبدو هزيلة بالمقارنة مع إيرادات النفط حالياً، إلا ان علينا ان نتذكر ان أسعار النفط كانت آنذاك تمثل جزءاً عشرياً فقط من أسعاره اليوم، كما ان شروط اتفاقية الامتياز الأصلية نصت فقط على مبالغ صغيرة يتعين دفعها بصفة جعالات إلى الحكومة. ومع ذلك، فقد ساعد الدخل على إحداث تطور ثابت في برنامج التنمية الجاري تنفيذه في ذلك الحين، بينما بدأت المباحثات بشأن تعديل الاتفاقية، لتمكين الحكومة من تحصيل نسبة أكبر من الإيرادات.
وأثناء سير العمل في تطوير حقل باب، واصلت الشركة تنفيذ برنامج استكشاف نشط. وكان من المدهش أن يتم اكتشاف حقل نفط عملاق آخر بسرعة كبيرة، وتقريبا بالصدفة. فقد أظهرت الدراسات الجيولوجية والزلزالية وجود هيكل إلى الغرب من باب، في منطقة بوحصا، تم تفسيرها على أنها جزء من هيكل مربان (باب). وعليه، وفي 25 مارس (آذار) 1962، تم حفر بئر مربان-12 في منطقة بوحصا، وتم انجازه في 16 يناير 1962. وكانت الأهداف الأصيلة للبئر هي التحقق مما يحتويه من سوائل ومن مميزات المكامن في منطقتي ثمامة (أ) وثمامة (ب) لتكوين مربان، في إطار برنامج رسم حدود البئر. وخلال أعمال الحفر، شوهدت تدفقات كبيرة عدة من المواد الهيدروكربونية على عمق 8500 قدم في منطقة الشعبية وبلغت سماكتها 400 قدم، في المستوى العلوي لمجموعة ثمامة، والتي لم تكن موجودة في حقل باب. وعلى هذا الأساس، أدرك الجيولوجيون أنهم قد عثروا على بئر جديدة بالكامل. وتم بعد ذلك اطلاق الاسم الجديد، بوحصا-12. وعلى بئر مربان -12، ثم بدئ على قدم وساق في تطوير الحقل على مساحة 1835 كيلومترا. وبدأت اعمال التطوير في عام 1964. وفي عام 1965، تم تمديد خط أنابيب بطول 118 كيلومترا إلى جبل الظنة. ووصل الحقل إلى مرحلة الانتاج في نهاية العام، وأنتج 24 مليون برميل من النفط في تلك السنة، ومازال واحداً من حقول النفط الرئيسية المنتجة لشركة أدكو.
وقد تكللت عملية استكشاف أخرى ايضا بالنجاح، ففي 11 نوفمبر 1961. تم حفر بدع القمزان -1 (كان يدعى مربان – 10 سابقاً) في تكوين بدع القمزان، إلى الغرب من باب، وتم انجازهما في 12 فبراير (شباط) 1962، وظهرت مؤشرات مواد هيدروكربونية فيه. كما تم حفر أربع آبار أخرى ابتداء من عام 1975، مما أكد جدوى الحقل، على الرغم من أنها مثل اكتشافات أخرى عديدة تلتها، كانت لا تزال بحاجة إلى التطوير.
وفي الفترة ما بين عام 1962 وعام 1964 ، تم حفر آبار استكشافية أخرى في الرويس وأم الاشطان وقمارا وموشا وصلابيخ وبدع حمامة، ولكن من دون احراز أي نجاح، وقد أنتجت آبار الرويس -1، وأم الاشطان -1، وبدع حمامة الماء من مناطق ثمامة، كما أنتج بئر بدع حمامة الماء من مكمن مشرف.
وفي ذلك الوقت، كانت بئر بدع حمامة أعمق بئر سبق حفرها في الشرق الأوسط حتى تاريخه. وأنتجت بئر قمارا -1 الماء ونزراً يسيراً من الغاز من الشعبية، التي أنتجت الماء من صلابيخ-1، أما موشا-1 فقد أنتج كميات من النفط الخام الثقيل الأسود الحلو والغاز من مكمن واصية الأعلى، على الرغم من صدور قرار بعدم حفر أية آبار أخرى في ذلك الوقت. واستمرت أعمال المسح السطحي والمسح الزلزالي في المناطق البرية والبحرية على حد سواء.
وسمح اكتشاف حقل بوحصا باسترداد قيمة الاستثمارات في برنامج الاستكشاف، بينما تم اكتشاف حقل رئيسي آخر أيضاً، وهو حقل عصب، في عام 1964، وقد تم تحديد المكمن للمرة الأولى بواسطة المسح الزلزالي في عام 1959، مع أنه في البداية لم يتم تنفيذ أية أعمال حفر في المنطقة بسبب صعوبة الوصول إلى الكثبان الرملية العالية. وقد تم حفر بئر عصب الاستكشافية، عصب -1، (وكانت تدعى في الأصل أبوجدو-1 لكي تشمل مكمناً محتملاً آخر يدعى شاه) في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1964. وتم انجاز حفر البئر في 20 مارس (آذار) 1965، حيث وجد النفط فيها في مناطق ثمامة (أ)، و(ب) و(ج) والغاز والمكثفات في ثمامة (و). وقد أثبت الحفر لرسم حدود الحقل ان الحقل يمتد على مساحة 30 كيلومتراً بعرض 10 كيلومترات.
وتم اكتشاف وتطوير حقلين آخرين في العامين التاليين، وهما شاه وسهل، كما تواصلت نجاحات الشركة خلال السنوات التالية.
وبوصول حقل باب إلى مرحلة الانتاج، وباكتشاف حقل بوحصا، كان من الواضح ان ابوظبي قد بدأت تتبوأ مركزها كواحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، مما كشف ضرورة تطوير الإمارة بخطى أسرع مما سبق، وكان ذلك يحتاج بدوره إلى توفير أموال اضافية من انتاج النفط.
وبدأت المفاوضات بين الحكومة وشركة نفط ابوظبي المحدودة، بناء على ذلك، بشأن مراجعة شروط اتفاقية الامتياز الأصلية. وتم التوصل إلى اتفاقية جديدة في نوفمبر 1965، تم تعديلها بعد ذلك في العام نفسه. وبموجب شروط الاتفاقية المعدلة، تم الاتفاق على ان تدفع شركة نفط ابوظبي المحدودة جعالات بنسبة 12.5 في المائة من السعر المعلن للنفط المصدر، بدلاً من 3 روبيات هندية للطن الواحد، المنصوص عليها في اتفاقية عام 1939. وأدى ذلك إلى حصول الحكومة على ثلاثة أضعاف دخلها السابق عن كل برميل، كما تم الاتفاق ايضا على ان تقوم الشركة نفط ابوظبي المحدودة اعتباراً من تاريخه بدفع ضريبة دخل بنسبة 50 في المائة من صافي أرباحها.
وكشف التطور الذي طرأ على استخدامات الوقود الأحفوري منذ توقيع اتفاقية عام 1939، ان البترول ليس الوقود القابل للاستخدام، وأن الغاز وقود لا يقل عنه أهمية. ولأن الاتفاقية الأصلية لم تتطرق إلى ذكر الغاز، قامت الشركة بدراسة وتخطيط تصدير الغاز المصاحب للبترول. وخلال المفاوضات التي جرت ما بين الحكومة والشركة، تم الاتفاق على ان تبقى كميات الغاز التي تظهر خلال عمليات الاستكشاف، سواء المصاحب منها أم غير المصاحب، ملكا للحكومة.
وكان يتم هدر الغاز المصاحب للبترول كمنتج ثانوي عبر إحراقه، ولكن هذه الممارسة خفت حدتها بالتدريج إلى مدى العشرين عاماً الاخيرة وسوف تنتهي بالكامل قريباً.
ومنذ أوائل الستينات، بات الغاز يحظى بأهمية كبيرة ومتنامية بسرعة، بصفته وقوداً ومادة أولية للصناعات البتروكيماوية، ويجري الان استخدام الغاز المصاحب وغير المصاحب الناتج عن عمليات الشركة داخل الدولة أو تصديره إلى الخارج.
وبمقتضى شروط التعديل، الذي تم إدخاله عام 1965 على اتفاقية الامتياز الأصلية، وافقت الشركة على التعهد بتخفيض مساحة الأراضي التي تشملها اتفاقية الامتياز الموقعة في عام 1939، والتي كانت تشمل كامل مساحة الإمارة والمياه القريبة من الشاطئ بشكل تدريجي، وقد شملت عملية التخلي عن مناطق الامتياز التي جرت في شهر نوفمبر من عام 1966، مساحة 13.000 كيلومتر مربع، في مناطق الجنوب الغربي وفي المنطقة الشرقية، حول مدينة العين، حيث منيت عمليات المسح الزلزالي والأعمال الأخرى بالفشل من دون العثور على دلالات مشجعة. وقد تم بعد ذلك تلزيم بعض من المناطق المتخلى عنها إلى شركات نفط أجنبية، انسحبت منها وتخلت عنها تباعا، فباتت اغلب تلك المناطق تحت تصرف شركة بترول ابوظبي الوطنية (أدنوك).
واليوم أدى التخفيض التدريجي إلى تقليص مساحة منطقة الامتياز التي تديرها شركة أدكو إلى 21.000 كيلومتر مربع



ليست هناك تعليقات: